قطه كامله

موقع أيام نيوز

لكن ليس بتلك الطريقة .. ليس فجأة .. أراد أن يمهد لها .. ويشرح لها .. لا أن ترى الفراغ فى ساقه .. لا أن ترى أعاقته ونقصه التى يخفيها عن أعين الجميع .. أرادها أن تعرف لكنه لم يريدها أن ترى .. ظل حابسا أنفاسه مطولا وهو متجمد فى مكانه من الصدمة .. كانت مريم تشعر بما يشعر به فى تلك اللحظة .. تعلم أنه كره دخولها عليه الآن .. وكره أن تراه هكذا .. وكره أن تطلع على اعاقته بتلك الطريق .. كانت ترى فى عينيه الخۏف والجزع والألم والحيرة والصدمة والتردد والقلق .. عاد مراد يتنفس مرة أخرى .. لا بل يلهث وكأنه يبذل مجهودا شاقا .. خفض بصره ونظر أرضا .. شعر بأنه غير مستعد لتلك اللحظة بعد .. غير مستعد لأن يخسرها .. غير مستعد لأن يرى فى عينيها نظرة يرفضها .. وتدفعه لأن يبتعد عنها ويبعدها عنه .. وقفت مريم فى مكانها تنظر اليه .. شعرت بالدموع التى همت بأن تتجمع فى عينيها .. لكنها منعتها قسرا .. وأوقفتها قبل أن تظهر داخل عينيها .. كانت تعلم مدى حساسية الأمر بالنسبة ل مراد
كانت تعلم أن كلمة واحدة أو نظرة واحدة منها من شأنها أن تنهى كل شئ بينهما .. مدت يدها وأغلقت الباب .. ووقفت مكانها .. كان مراد مازال ينظر أرضا لا يجد فى نفسه الجرأة ليرى نظرات عينيها .. أو تعبيرات وجهها .. كانت مريم تشعر بتوتر بالغ .. خاڤت أن تخسره فى لحظة .. خاڤت أن يسئ فهم مشاعرها تجاهه

فيحكم عليها بفراقه .. تقدمت منه ببطء .. كلما اقتربت خطوة ازدادت خفقات قلبه سرعة .. طال الصمت .. كان يتنظر مراد أن تتحدث .. أن تسأل .. أن تستفهم .. أن تعاتب .. أن تغضب .. لكن طال انتظاره .. حاول أن يرفع رأسه لينظر داخل عينيها .. لكن خوفه من خسارتها منعه .. فجأة وجدها وقد چثت على ركبتيها أمامه .. حبس أنفاسه .. نظرت مريم اليه وهى تسمع صوت خفقان قلبها .. وتساءلت ترى أهذا صوت خفقان قلبي أم قلبه .. نظرت الى الساق المبتور والساق التى مازال يمسكها بيده .. نظرت الى وجهه تتمنى أن يفهم .. أن يفهم أنها لا تأبى لتلك الإعاقه .. وأنها لا تعنى لها شيئا .. مدت يديها وأمسكت منه الساق الصناعيه .. شعرت برجفة جسده وانتفاضته .. سمعت صوت تنفسه رأت ارتعاشة يده .. شعر مراد بالدهشة وهو يراها جاثيه على ركبتيها تحت أقدامه تمسك بساقه الصناعية .. وأخيرا رفع رأسه لينظر اليها عندما بدأت فى محاولة تثبيتها فى ساقه المبتور .. أخذ يتأمل وجهها وعينيها التى كانت مثبته على الساق .. كان يلهث بشدة وقد ازداد اضطرابه .. لا يعلم كيف سمح لها بأن تفعل .. وبأن تكون قريبه منه هكذا وبأن تراه هكذا .. انتهت مريم من مهمتها التى استغرقت بعض الوقت لجهلها بطريقة تركيبها الصحيحة .. الى أن نجحت فى ذلك .. ثم رفعت رأسها تنظر اليه .. شعر مراد برجفه فى كل أوصاله وهو ينظر اليها وهى قريبة منه الى هذا الحد جاثيه على ركبتيها تحت قدميه .. بحث فى عينيها عن نظرة نفور ورفض فلم يجد .. بحث عن نظرة شفقه وعطف فلم يجد .. لم يجد الا نظرة حب وشوق وابتسامه صغيرة ترتسم على محياها وهى تتطلع اليه .. أخيرا وجد فى نفسه القدرة على الكلام .. قال بصوت مبحوح 
عرفتى امتى 
قالت مريم بهدوء وهى تنظر اليه 
من كام يوم
قال مراد بجمود 
مين اللى قالك 
قالت بهدوء 
محدش قالى .. بس وانت نايم خدت بالى
نظر اليها مراد پغضب وقال پحده 
وليه ما قولتليش انك عارفه
قالت مريم مبتسمه 
لان الموضوع مش فارق معايا أصلا
سمع مراد كلماتها فهب واقفا .. وقفت فى مواجهته هى الأخرى .. كان عصبيا للغاية .. وكأنه فاق من صډمته للتو وبدا يعي ما حدث .. قال بصرامة 
يعني ايه مش فارق معاكى 
توترت مريم وقالت بهدوء ونظرة رجاء فى عينيها 
يعني مش فارق معايا .. اللى شوفته دلوقتى لا قلل ولا زود حاجه جوايا .. أكنى مشفتش حاجة
صاح بعصبيه وهو يلهث بشدة 
أيوة ابتدينا تمثيل .. عايزة تفهمينى يعني انك مفيش مشاكل عندك انك ترتبط بواحد رجله مبتوره .. وان زيه زى أى راجل تانى
قالت بهدوء وقد بدأت الدموع تتجمع فى عينيها 
أيوة مفيش مشاكل عندى
صاح پحده 
أنا بأه عندى مشاكل .. مش عايز أرتبط بواحده فى يوم من الأيام تقولى أصلك معاق .. ولا واحدة بترد الجميل اللى عملته معاها بإنها توافق تتجوزنى
قالت مريم بصوت خاڤت 
أنا لا دى ولا دى
صمت مراد وهو يشعر بتوتر كبير بداخله .. قال وكأنه يقنع نفسه قبل أن يقنعها 
انتى
تم نسخ الرابط